الجمال عند العرب
اختلفت المفاهيم الإنسانيّة حول تعريف الجمال تبعاً للأذواق والنظرة الفرديّة والجماعيّة له، فقد وُجدت العديد من المقاييس التي تعارفتها الأجيال، والتي اختلفت من أمة إلى أخرى، ومن عصرٍ إلى عصر، حيثُ إن مقاييس الجمال عند العرب تختلف تماماً عن تلك المعروفة لدى الأمم الأخرى، فهي مميّزة وذات صفات معيّنة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجمال الروحي للمرأة العربية.
مقاييس الجمال عند العرب
من أهم المقاييس الجماليّة للوجه عند العرب هو جمال العين الواسعة التي في طرفها حَوَر، وتكون شديدة السواد، وقد ارتبطت عيون المرأة الجميلة بعيون الظباء والمها العربيّة الأصيلة، أمّا الشَعر فيتميّزُ بسواده، ونعومته، وطوله، وقد شبّهوه بالليل لشدة سواده.
ومن المقاييس الأخرى الأسنان البيضاء التي تتلألأ كحبات اللؤلؤ؛ والشفاه الحمراء الورديّة، والفم الصغير، والخدود الوردية، والأنف الدقيق والمتناسق مع الوجه، والرموش الكثيفة والسوداء، وحبّة الخال فوق الخد أو بجانب الأنف، وأصابع اليد الطويلة والرفيعة، والأظافر المقوسة، والعنق الطويلة، فالمرأة التي تتميز بذلك تُسمى بأنها "بعيدة مهوى القرط".
أمّا مقاييس جمال الجسم فقد كانت العرب تُفضل المرأة التي تميل إلى الطول والتي لا تشتكي من الإفراط فيه أو من القُصر، بحيثُ تبرز مكامن ومعالم أنوثتها، وقد كانوا يُحبّون المرأة الممتلئة التي تميل إلى السمنة وخاصّة إنْ كانوا يعيشون في ظروف فقرٍ وكدحٍ، بحيثُ تكون بيضاء تميل إلى الصفرة.
أصبحت هذه المقاييس هي النموذج الجمالي الأمثل لديهم، كما وقد تغنّى بهذا الجمال الكثير من الشعراء في العديد من قصائدهم وأشعارهم المتعددة ومنهم كعب بن زهير، وامرؤ القيس، وعمر بن أبي ربيعة.
في إحدى القصص التي توارثها العرب عن بعضهم أنّ عبد الملك بن مروان استشار يوماً أعرابيّاً ذكيّاً وحاذقاً في وصف النساء، فقال له الأعرابي:" خذها يا أمير المؤمنين ملساء القدمين، ودَرْمَاء الكعبين، ومملوءة الساقين، وجمّاء الركبتين، ولفّاء الفخذين، وناعمة الأليتين، ومهضومة الخصرين، وملساء المتنين، ومشرفة، وناعمة، وفعمة العضدين، وفخمة الذراعين، ورخصة الكفين، وناهدة الثديين، وحمراء الخدين، وكحلاء العينين، وزجّاء الحاجبين، ولمياء الشفتين، وبلجاء الجبين، وشمّاء العِرنين، وشنباء الثغر، وحالكة الشعر، وغيداء العنق، وعيناء العينين، ومُكسّرة البطن".
تغيّرت هذه المقاييس بتغير العصر، فقد أصبح الرجل العربيّ في هذه الأيّام يُفضل المرأة ممشوقة القوام، والنحيفة بعض الشيء، حيثُ غدت تلك المقاييس قديمة بقدم العصر والزمن التي ظهرت فيه، إلى جانب أنّها ليست شرطاً في الجمال، فقد نجد امرأة جميلة بالرغم من عدم توفر معظم المقاييس فيها.